ترنح الخطاب الحكومي بين تصريحات متناقضة حول موعد البدء في تطبيق التحول من سياسة الدعم المعمم التي تنتجها الجزائر منذ الإستقلال الى الدعم الموجه الذي سيخص فئات من المجتمع دون غيرها وإضطرت وزارة المالية الى إصدار بيان تعيد فيه صياغة تصريحات وزير المالية راوية لتبدو منسجمة مع تلك التي اطلقها أويحيى "بعباءة" الأمين العام للتجمع الوطني و التي نفى فيها " وجود أية نية لحكومته" رفع الدعم عن الوقود والطاقة والمياه اعتباراً من جانفي 2019 واصفاً ذلك "بغير الصحيح".
المؤكد ان إنهاء الدعم بصفته الحالية يعتبر من بين أهم القرارات الإقتصادية المصيرية التي تتخذها البلاد منذ إستقلالها سنة 1962 ذلك ان مخاطر التكلفة الإجتماعية قد تكون باهضة فتوجيه الدعم لمستحقيه يبقى صعب في ظل غياب الوسائل التي تسمح بالقيام بإحصائيات دقيقة حيث ان بيانات الدخل المالي للمواطنين غامضة و لا تملك الرقابة المالية سبل التأكد منها في حين ان ضعف القدرة الشرائية لطبقة الوسطى قد لا يسمح لها بمواجهة تكاليف الحياة دون دعم الدولة لأسعار الخدمات الأساسية و الطاقة و الغذاء و هو ما قد يدفع جزءا كبيرا من المواطنين الى دائرة الفقر وبالتالي تفجر الجبهة الإجتماعية و هنا لا تحتاج الحكومة الى أمثلة حول احتجاجات عصفت بدول في المنطقة شرارتها لم تكن إلا محض مطالب إجتماعية .
خطورة القرار يضاف إليه حساسية الظرف السياسي الذي تنظم فيه انتخابات رئاسية ربيع 2019 يجعل حكومة اويحى تتمهل قبل الخوض في مسالة الدعم.
و يخشى الوزير الأول ان يصيب مشروع إنهاء الدعم المعمم ما حل بمشاريع سابقة تم إجهاضها في المهد إذا ما تم فتح الجدل على مصراعيه قبل تهيئة الراي العام عبر حملات إعلامية تشرح كل الإجراءات التي ستتخذها الحكومة تدريجيا في هذا السبيل خطوة بخطوة .
تضارب التصريحات يوحي كذالك الى عدم توصل صناع القرار الى نظرة موحدة حول الطريقة التي سيتم بها صرف مبالغ الدعم الى مستحقيها حيث تختلف نماذج الدول التي سبقت الجزائر الى هذا القرار بين إصدار بطاقات التموينية لسلع و الوقود وبين صرف المستحقات المالية مباشرة في حسابات المواطنين