بالفيديو... "بولوغين" ناقم على 20 والياً!

لأنّ ذاكرة 30 قرناً باتت على كفّ عفريت

عاد أبناء حي القصبة الشعبي في قلب العاصمة، ليجدّدوا تبرمهم حُيال مآلات كنز معماري عتيق بات جوهرة مشوّهة بفعل أنين معالم مشروخة تشكو إلى مشيّدها "بولوغين ابن زيري"، وسط نقاط ظلّ حول تعاطي 20 واليا حكموا العاصمة على مدار 56 سنة، دون أن يتكلّل إنفاق عشرات المليارات بترميم حاسم لأفاريز 30 قرناً من ذاكرة القصبة.

يشتكي كثيرون ممن تحدثوا لـ "البلاد نت"، من راهن مُزرِ للقصبة (تمتدّ على مساحة 105 هكتارات)، فالبياض الظاهري للؤلؤة العاصمة التي كانت مصطبغة في ماضي الأزمان بنصاعة لون الجير، استحال إلى سواد يخدش الواجهات، وسط آثار الرومان والعثمانيين والمرابطين والموحدين والإسبان والفرنسيين، وحكايا مسجد كتشاوة وحصن 23 وقصري الداي ولالاّ خدواج وضريح سيدي عبد الرحمن الثعالبي العلاّمة الفذّ ابن حاضرة "يسر".

ويركّز أبناء القصبة على تزايد انزلاقات للتربة، مما أفرز خوفا وفزعا ولغطاً عارماً، كما يستهجن هؤلاء تفاقم التسيب واللامبالاة وعدم الاكتراث بالنظافة، وهو ثالوث أضحى يسيطر كعملة متداولة في مدينة أريد لها أن تصير شاحبة، بعدما بقيت تلهم قرائح الشعراء والفنانين وسط أزقة تخرّج منها أبطال كبار على غرار جميلة بوحيرد، ياسف سعدي، حسيبة بن بوعلي وغيرهم.

ويبدي "بلقاسم باباسي" رئيس مؤسسة القصبة أسفا لكون المنطقة ورغم ما تمثّله من رافد أثري فنّي وحضاري هام، إلاّ أنّ أعمدتها تتساقط وأسقف "الدويرات" تتهاوى، بفعل افتقارها لمخطط تأهيلي واضح يحفظ للقصبة هويتها وخواصها، ولم تكن استغاثات عشّاق القصبة لتغيّر من الهزال الماثل، بعدما ظلّت القصبة تتشامخ كعرض فريد في ناصية مدينة أبدعها الله في شكل يتهادى نحو الأزرق الكبير وبيوت تتشبث بالمرتفعات، وكأنها تخشى الانجراف نحو البحر.

"إجرام" تحت "شعاراتية" الترميم

تأثرت منظومة القصبة كثيراً بفعل مسلسل الترميمات العشوائية التي ظلت تخضع لها منذ عشرات السنين دون تحصين للجماليات، فضلا عن أشغال ترقيعية نفذّها قاطنو الحي الشهير لحماية مساكنهم من انهيارات محتملة في منطقة تستوعب 150 عينا و18 زاوية وعشرات المساجد والقصور.

ما تقدّم شوّه الجانب المعماري للعديد من دويرات القصبة وطمس روحها التراثية، وهو ما يظهر بجلاء على عدة قصور في القصبة، التي "رُمِّمَت" مشربياتها وباحاتها وشرفاتها بفداحة تقنية وغياب واضح للمهارة.

ويشير المؤرخ "باباسي": "هناك عدم التزام فظيع بالمقاييس الفنية في ترميم الدويرات"، ويركّز "باباسي" من "منح مهمة الترميم إلى حرفيين غير مؤهلين، وغالباً ما يغادر هؤلاء الورشات فور تحصيلهم المستحقات، حتى وإن لم تنته مهماتهم بشكل كامل".

ما مسؤولية أوصياء إيكوزيوم؟

لا يتردّد عشاّق القصبة والمهووسين بإرثها الحضاري والقيمي، في تحميل المسؤولية للأوصياء الذين تعاقبوا على تسيير ولاية العاصمة وبلدية القصبة، كما لا يستثن محدّثونا وزارة الثقافة، تبعا لوزن مدينة عريقة بناها قدماء قبائل البربر منذ ثلاثين قرناً، وتموقعها كمركز تجاري للقرطاجيين منذ القرن الرابع قبل الميلاد، قبل أن يتولى أبو الفتوح سيف الدولة بولوغين بن زيري الصنهاجي مؤسس الدولة الزيرية بالجزائر، بإعادة إعمار القصبة على أنقاض مدينة إيكوزيوم القديمة وذلك سنة 960 م، تماما مثل حاضرتي المدية ومليانة.

ومنذ السادس جويلية 1962 وإلى غاية كتابة هذه السطور، تعاقب على تسيير ولاية الجزائر ما لا يقلّ عن 20 والياً (عهدتان لشريف رحماني، ثانيها كمحافظ الجزائر الكبرى)، ويتعلق الأمر توالياً بـ: أعمر محمدي، نذير قصاب، أحمد حمياني، رابح بوعزيز، امحمد حاج يعلى، سليمان هوفمان، عبد الرزق بوحارة، دحو ولد قابلية، أحمد الغازي، شعبان آيت عبد الرحيم، شريف رحماني (7 ماي 1986 – 20 سبتمبر 1987/ 31 ماي 1997 – 22 أوت 1999)، الهاشمي جيار، محمد واحسن أوصديق، عبد الرحمان مزيان شريف، أحمد حري، عبد القادر والي، لحبيب حبشي، عبد المالك نوراني، محمد الكبير عدو وعبد القادر زوخ.

القصبة التي تموج بأهلها، باتت مُطالبة بالانتظار 17 عاماً إضافية، إثر إعلان والي العاصمة عبد القادر زوخ عن اهتمام مصالحه لإعادة تأهيل القصبة ضمن المخطط الاستراتيجي الشامل لعصرنة العاصمة في آفاق 2035.  

 

مقالات الواجهة

الأكثر قراءة

  1. ريـــاح قوية وزوابع رمليــة على هذه الولايــات

  2. رياح قوية وزوابع رملية على 5 ولايــات

  3. انفجارات في أصفهان وتقارير عن هجوم إسرائيلي

  4. وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني

  5. بلعريبي يتفقد مشروع مقر وزارة السكن الجديد

  6. إيران تعلن استئناف الرحلات الجوية بعد هجوم بمسيرات

  7. الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر

  8. وكالة “إرنا” الإيرانية: المنشآت النووية في أصفهان تتمتع بأمن تام

  9. منظمة التعاون الإسلامي تعرب عن أسفها لفشل مجلس الأمن في تمرير مشروع قرار متعلق بانضمام دولة فلسطين إلى الأمم المتحدة

  10. لجنة حماية الصحفيين: حرب غزة أخطر صراع بالنسبة للصحفيين